You are currently browsing the category archive for the ‘باتجاه السماء !’ category.

.

.

الطريق الذي قررت أن أسلكه إلى روما صار مزدحما للغاية … سأبحث عن طريق آخر !

.

.

الآن أفكر … ولماذا عليّ أن أقصد روما بالتحديد؟

.

.

ربما ثمة مدينة أخرى أفضل .. حتى وإن كانت كل طرقها مقطوعة … من المؤكد أن محاولة الوصول إليها ستكون أنبل … وأكثر مدعاة للزهو !

.

عندما تلتقي قمم سمائنا

سوف يكون لبيتي سقف            “بول ايلوار”


أفكر طويلا في بيت الشعر هذا وأحاول أن أجد معنى له يناسبني أكثر مما يناسب القصيدة .. هكذا أنا دائما .. أبحث عن علاقتي بمعاني الأشياء وإن كان حتى ليس لي بها علاقة .. أخلق ما يربطني بها وأجعلها تدور في فلكي .. لا أتخيل أن في هذا الكون شيء ليس له صلة بي .. ليس لأنني مجنونة أو مصابة بالـ”شيزوفرنيا” كما كنت أذاكر في فرع “الأمراض النفسية” بمادة الباطنة .. حين يصاب مريض الشيزوفرنيا بـداء “العظمة” ويظن أن الكون يتآمر ضده وأنه أفضل من كل الخلق .. وإنما لأنني أثق أن الله حين خلقنا من ماء وتراب فإنه جمع ذرات هذا التراب من كل مكان في الوجود .. ليكوّن كائن لا يحصى .. كائن عصي عن الفهم والشرح والاستيعاب والاحتواء .. كائن بإمكان قلبه الصغير أن يحتمل كل شيء ويصل لأي شيء .. كائن جدير بأن يكون وريثا لله على أرضه .. أفكر في بيت الشعر مرة أخرى وأتساءل هل كتب ايلوار قبل أن يموت وقال أن القمم تلاقت أخيرا وأن بيته صار له سقف؟ ..ربما كان يعني بالقمم “الأفكار” .. وفي أمّتي لكل فرد سماؤه الخاصة ..ألهذا ليس من نصيب بلدي أن يغدو له سقفا مرة؟ .. ربما .. لن أفكر في بيت الشعر بهذه الصورة .. وسأتخيله أبسط مما يمكن أن يكون .. سأتجاهل المعاني و أنظر للمفردات… للبيت .. وللسماء .. للكلمة التي بدأت عندها .. والأخرى التي أمضي بإتجاهها ..!

قلت في ردي على تعليق للنص السابق : “للبيوت روح وجسد .. وللأماكن ملامح إنسانية تشبهنا ..وأن أبأس مكان سيبدو جميلا إن حاولنا اكتشاف مكامنه !” ..وأفكر الآن كيف بإمكان بيتي أن يشبهني كما يشبه العش شكل الطائر؟ ..أو  كما يشرح “جول ميشيليه” عن “هندسة الطيور” …. العصفور بالنسبة لميشيليه عامل بناء دون أدوات ..ليس له “يد السنجاب ولا أسنان القندس” … يكتب:”الواقع أن جسد الطائر هو أداته ..أعني بذلك صدره الذي يضغط به فيقوى مواده حتى تصبح مرنة ..متسقة ومتكيفة للخطة العامة” ..ويشير ميشيليه أن شكل العش يشبه قوقعة صُنعت بالجسد ومن أجل الجسد ..ومن خلال الدوران المستمر والضغط على الجدران من كل جانب ينجح الطائر في تكوين دائرة .. يضيف:”البيت هو شخص العصفور بذاته ..إنه شكله وجهده المباشر ..وأستطيع القول أنه معاناته..النتيجة تتحقق من الضغط المتكرر المتواصل ..لا توجد ورقة عشب واحدة لم يتم ضغطها مرات لا حصر لها بصدر الطائر وقلبه ..وربما أيضا بواسطة تنفسه الذي أصبح ثقيلا ..وربما بنبضات قلبه وذلك لجعل ورقة العشب تنحني وتثبت على انحنائها”.. يالله ! الصورة رائعة الوصف ..ليس بإمكاني أن أنساها ماحييت ..ليس بإمكاني أن أنسى هذا العش الذي ينبع من حلم الحماية .. الحماية المتكيفة لأجسادنا .. الحماية عبر أحلام البيت/ الثوب .. ماذا لو أقمنا بيوتنا على هذا الشكل الذي يحلم به ميشيليه..وأن يكون لكل منا بيته الشخصي .. عشا لجسده .. مفصلا حسب مقاسه .. كما في رواية “كولاس بروغنون” لـ “رومان رولان” حين يرفض البطل بعد تجارب كثيرة بيتا أوسع وأنسب ..يرفضه باعتباره ثوبا لا يناسبه.. يقول:”إما أن يتهدل عليّ أو يضيق حتى تتمزق أجزاءه المخيطة” ..!

نحن نعيش غريزة العصفور على نحو ساذج .. العش هو حزمة غنائية من أوراق الشجر ..حزمة منخرطة في سلام الدنيا ..نقطة في محيط السعادة الذي يحيط بالأشجار الكبيرة !

وهكذا نحن أيضا ! .. حين نختار لأنفسنا بيتا..فإننا نختاره في المنبع الذي نشعر فيه بثقتنا بالعالم ..هل كان ممكنا للعصفور أن يبني عشه لو لم يملك غريزة الثقة بالعالم ؟ ..إن بيتنا يصبح عشا في محيط سعادتنا .. نعيش به في سلام تام مع كل أحلام الأمان .. العش مثل بيت الحلم .. وبيت الحلم كالعش .. ونحن طيور صغيرة حين يشعر قلبها بالسعادة يصبح بإمكانها أن تحلق عاليا .. عاليا .. بإتجاه السماء !


يتبع …

.

جوه القلوب .. والذكريات .. ما يعيش غير .. طعم البيوت !

.

شبهت وفاء بـ نجمة وهي تسألني :”أين تذهب النجوم؟”.. فأتجنب الحديث عن احتراقاتها وانفجاراتها وتحولها لرماد نووي أو ثقوب سوداء وكل ما يفضي إلى مصائر تعيسة للنجوم وأرد :”بما أن الشمس نجم والشمس تجري لمستقر لها ..فربما تكون بقية النجوم أيضا تجري لمستقر لها .. وحتى تجد هذا المستقر وتطمئن .. فهي سارحة في فضاء الكون !” أتبعت ردي بـ :”يا الله .. حتى النجوم تبحث عن أمانها!” ..وأخذت أفكر بعدها أنني أيضا نجمة صغيرة سقطت على الأرض وأبحث عن مستقري ومأمني .. في الحقيقة كلنا نجوم .. وكلنا نبحث عن هذا الأمان الذي لن نهدأ حتى نستقر إليه ..

ولأن بيتي هو كوني الأول .. فبه مأمني الأول أيضا .. هذا الأمان الذي لا أشعر بوجوده في البيت إلا حين أغيب عنه فأفتقده .. تماما كما يقول غاستون باشلار :”بدون البيت يصبح الإنسان كائنا مفتتا..ــ إنه البيت ــ يحفظه عبر عواصف السماء وأهوال الأرض!”.. “ولاء” تسألني أيضا عن أكثر مكان أحبه وأشتاق إليه .. أجيب :”حين أبتعد عن بيتي ينتابني هذا الشوق !”

أكتب الآن وصديق يرسل لي تعليقا عن اشتياقه لبيته الريفي.. وأنا أفكر هل أحب بيتي بهذه الصورة لأنه ريفي؟ ..أنا بالفعل لا أحب بنايات المدن ..أشعر أنها مجرد امتداد رأسي ..أتذكر “ماكس بيكار” الآن وهو يقول عنها أنها “تشبه الأنابيب التي تشفط البشر في داخلها بواسطة تفريغ الهواء “! كيف بإمكان ساكن المدينة إذن أن يشعر بكونية حجرته وسط هذا الصخب من دوي السيارات والشاحنات؟.. أتخيل الفيلسوف الذي كان ينعي حظه العاثر لأنه من سكان المدينة وكان يسترجع هدوءه فقط من خلال استعارات البحر .. فالجميع يعلم أن المدينة الكبيرة بحر صاخب .. وهكذا كان يخلق صورة صادقة من هذه الصورة المبتذلة ..!

أعود لما كنت سأتحدث عنه …”غرفتي” ..أكثر مكان أحبه بالمنزل بأكمله .. والتعبير الصحيح:أكثر مكان أشعر فيه بالدفء في المنزل .. مختلفة عن أي غرفة أخرى .. أشعر بروحي تملأها .. بأشيائي المبعثرة في زواياها.. بقطع من قلبي ملقاة على الأرض ..لا أشعر أنني وصلت إلى المنزل إلا حين أدخلها ..أحب نوافذها الكبيرة ..تكاد تظن أن الغرفة بأكملها عبارة عن نوافذ .. جدار واحد فقط خالِ من أي فتحات .. بينما الثلاث المتبقيين .. واحد به الباب .. وثاني به شباك واسع جدا يتوسط الجدار ويحتل أكثر من ثلثه ..والجدار الثالث يماثله ..أحب الشباك المقابل للمساحات الخضراء .. للأرض الواسعة .. للبراح .. حين أقف أمامه ..أشعر أن العالم انتهى عند هذه النقطة .. حيث حدودي هي حدود المكان .. أسفل حافة الشباك كتبت بقلم رصاص وخط منمنم اسمي وكررته بطول الجدار حتى وصلت إلى الأرض .. حين تنظر من بعيد يخيل إليك أن قافلة نمل دخلت من الشباك لتغزو الغرفة .. وتبحث عن السكر .. عني ..هكذا أحب أن أفكر .. بطلاء أحمر مائل إلى النبيتي رسمت قلوب كثيرة على الجدران .. لا يراها الكل جميلة جدا .. وربما تفتقد الجمال كله .. لكنني لا أرى هذا .. أنا أحبها وأرى جمالها يفوق الوصف .. لا أحد يفهم أنني حين رسمتها كنت أحدث قلبي وأخبره أنه ليس وحيدا .. حين أجلس على السرير في منتصف الغرفة أشعر أنني محاطة بالكثير من القلوب التي تحبني جدا لأنني أنا السبب في وجودها .. وأنا أحبها جدا لأنها وفية إلى أقصى حد ولن تغادرني يوما .. أصدقائي المعلقين بدبابيس على جدار .. ماركو وإيزابيلا ونشأت ..عرفتكم عليهم مرة في الماضي وسأعيد التعريف مرة أخرى ..ماركو هو فتى يرتدي بنطلون قصير ..قميص بأكمام واسعة ..حذاء برقبة ..وقبعة كبيرة تميل على رأسه ..يمسك في يديه جيتارا ويعزف ..وأمامه إيزابيلا ترتدي فستان احدى الأميرات الأسبانيات ..وترقص ..فينبت العشب تحت قدميها … كنت قد رسمتهما فوق ورقتين منفصلتين وعلقتهما على الجدار يقابلان بعضهما من سنتين تقريبا…ومازال هو يعزف ..ومازالت هي ترقص ..دون أن يخذل أحدهما الآخر ..حتى اجل تأتي فيه الريح قوية من الشباك المقابل ..وتفنيهما معا ….أما نشأت ..فهو “هيكل عظمي”..علقته ليكون الاثبات الوحيد في غرفتي بأنني أنتمي لكلية الطب.. بالطبع لا يمتلك لحم وجلد وشفتين ..فيظهر صفي أسنانه دائما ويبدو أن الابتسام والضحك لا يفارقه ..وأنا أحبه لهذا الشيء..

غرفتي .. أكثر غرفة في المنزل وربما في العالم كله تدخلها الشمس .. ربما بسبب نوافذها الواسعة التي أجد معها الضوء في كل مكان كأن جدرانها من زجاج وكل ما بها شفاف .. في حضرة كل هذا النور أشعر أحيانا أنني  أضيء وأنني نجمة لن تحترق ولن تنفجر ولن تتحول إلى رماد نووي أو ثقب أسود..نجمة سعيدة وصلت أخيرا لمستقرها ومستودعها !

يتبع ،،،

من فترة طويلة وأنا مشغولة بالفلك .. تقريبا منذ أن كنت بالصف الثاني الإعدادي حين أخذت ألح على أبي طوال الأجازة أن يشتري لي تليسكوبا صغيرا أراقب به السماء والقمر والنجوم والشهب المارقة .. رفض في البداية لكنه تحت إصراري الشديد وافق أخيرا واشترى لي واحدا صغيرا وضعته فوق سطح المنزل ..ومكثت ليالِ طويلة أنظر فقط من خلاله إلى كل هذه النجوم التي كانت تحتل رأسي تماما وتضيء في كل خلايا جسدي .. لم أكن أراقب مساراتها أو أحاول التعرف على أسمائها ومجموعاتها .. كنت أنظر فقط … نظر لمجرد الدهشة والاستمتاع بهذا العالم العالي جدا الذي لن أستطيع أن أقاربه مهما حاولت .. وكل ما يمكنني فعله تجاهه هو النظر والدهشة … وككل الصغار _والكبار أيضا_ الذين يلهثون كثيرا وراء كل الأشياء البعيدة عنهم ويزهدون فيها فور أن يحصلون عليها ..فعلت هذا مع تليسكوبي الصغير وتركته لشيماء أختي التي تكبرني بعام واحد لتطبق عليه بصورة عملية درسها في مادة العلوم عن أنواع العدسات المقعرة والمحدبة والمستوية وسقوط الضوء عليها وانكساراته وانعكساته و تفتت التليسكوب لأجزاء صغيرة جدااا كضحية لهذا الدرس .. نسيت بعده ولعي بالسماء والنجوم لفترة طويلة.. رغم  أن هذه النجوم بعيدة جدا .. وأنا لم أحصل عليها بعد لأزهد فيها .. لكن هذا ما حدث..

ورغم أن هذا الولع عاد مرة أخرى وبصورة أقوى وأكثر عمقا إلا أنني قررت التخلي عنه الآن بإرادتي حين اكتشفت أنني لازلت الطفلة الأنانية التي تحلم بكل ما هو بعيد عنها متجاهلة كل قريب ..وجدتني أتجاهل كوني وأقفز فوقه إلى أكوان بعيدة أخرى بأمل أن أعثر على دعاء التي أريدها هناك .. أتجاهل واقعي وأحلم بأشياء كثيرة تحتاج عمر آخر لتتحقق وأختار أن أعيش بخيالي في هذا العمر .. أحاول لمس قلبي من خلال لمس العالم بأكمله دون أن أعي أن يدي التي أضعها على صدري الآن يخفق من ورائها قلبي .. أعيش كنجم انفلت من مداره وانطلق تائها في سماوات الكون يبحث عن مجرة أفضل ومدار أكثر اتساعا وفخامة دون أن يدرك أنه سيفقد ذاته في هذه الرحلة ..وسيبتلعه أول ثقب أسود يصادفه ..

لهذا قررت أن أكون أولا ثم تكون الدنيا حولي .. أن ألامس قلبي أولا قبل أن أفكر في ملامسة العالم .. أن أعيش واقعي قبل أحلامي ..وعمري قبل عمر ربما لن يأتي ..أن أحيا في ركني القصي من العالم ..في كوني الأول .. في كوني الحقيقي بكل معني الكلمة قبل كل الأكوان التي لا تطولها يدي ولا يسعني أمامها سوى النظر..أن أكتشف حجرتي قبل الصالة قبل العلية قبل القبو قبل الشرفة قبل الحديقة قبل القرية قبل المدينة قبل العالم قبل الأرض قبل السماء والفلك ..!

يتبع،،،

ترقص؟ _ أرقص _ غصب عني _ غصب عني أرقص !

شباك تذاكر الزوار

  • 139٬971 hits

محمود درويش:

إذا انحنيت .. انحنى تل وضاعت سماء ولا تعود جديرا بقبلة أو دعـــاء

أحن إلى خبز أمي ..وقهوة أمي ..ولمسة أمي

وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي ..

For connection

doaa.sh3ban@yahoo.com

الراقصين حاليا !

ألحان شاردة !

free counters